الكاتب: غابرييل مارسيا ماركيز روائي وصحفي وناشر وناشط سياسي كولومبي ولد في 6 مارس 1927، قضى معظم حياته في المكسيك وأوروبا. حائز على جائزة نوبل للأدب. 1982

الكتاب: نزوة القص المباركة.

” أنا أرى أن مهنتي الروائي وكاتب السيناريو مختلفتان اختلافا جذريا، فعندما أعكف على كتابة رواية أتخندق في عالمي ولا أشارك أحدا في أي شيء. أكون في حالة من الغطرسة، والتسلط والزهو المطلق. لماذا؟ لأنني أعتقد أنها الطريقة يأنها الطريقة الوحيدة المتوفرة لدي لحماية الجنين، ولضمان تطوره مثلما حبلت به. حسن، عندما أنتهي أو أقدر أن النسخة الأولى قد انتهت تقريبا، أشعر بضرورة سماع بعض الآراء، فأقدم الأصول إلى قلة من الأصدقاء. وهم أصدقاء سنوات كثيرة، أثق بوجهات نظرهم وأطلب منهم بالتالي أن يكونوا أول قراء أعمالي. ، إنني أثق أنهم بهم ليس لأنهم يقولون لي بصراحة ما يجدونه سيئا، وماهي النقائص التي تبدو لهم. وبهذه الطريقة فقط يقدمون لي خدمة عظيمة. فالأصدقاء الذين لا يرون إلا الفضائل فيما أكتبه يمكنهم أن يقرأوا ما أكتبه بهدوء أكبر بعد طبع الكتاب. أما الأصدقاء القادرون على رؤية النقائص والإشارة إليها، فهم القراء الذين أحتاج إليهم قبل الطباعة. ومن الطبيعي أنني أحتفظ لنفسي دائما بحق قبول أو عدم قبول انتقاداتهم، ولكن الرقم الصحيح هو أنه ليس من عادتي صرف النظر عنها.

فليس هناك حاجة إلى المهانة في هذا العالم أكثر من الحاجة إليها لممارسة مهنة كاتب السيناريو بكرامة”. فهو عمل إبداعي ولكنه في الوقت نفسه عمل تابع. فمنذ أن يبدأ أحدهم بالكتابة، يعرف أن القصة، عندما “تنتهي، وخصوصا بعد أن تصور، لا تعود له.

حسن، هذه هي صورة الروائي أمام نقاده. أما صورة كاتب السيناريو فهي مختلفة جدا، فليس هناك حاجة إلى المهانة في هذا العالم أكثر من الحاجة إليها لممارسة مهنة كاتب السيناريو بكرامة. فهو عمل إبداعي ولكنه في الوقت نفسه عمل تابع. فمنذ أن يبدأ أحدهم بالكتابة، يعرف أن القصة، عندما تنتهي، وخصوصا بعد أن تصور، لا تعود له. صحيح أن اسمه سيظهر على الشاشة- ويكون على الدوام تقريبا مع أسماء المشاركين التي ترد منفردة، بمن فيهم المخرج نفسه- لكن النص الذي كتبه قد تحلل إلى مجموعة من الأصوات والصور التي اشتغلها آخرون، أي أعضاء الفريق. ويكون آكل اللحم البشري الأكبر على الدوام هو المخرج الذي يستحوذ على القصة، ويندغم بها ويدخل فيها كل موهبته و مهنيته و خصيتيه لكي تتحول أخيرا إلى الفيلم الذي نذهب إلى مشاهدته. إنه هو الذي يفرض وجهة النظر النهائية، وهو بهذا المعنى أوسع سلطة من كتاب السيناريو والقصاصين. أنا أعتقد بأن من يقرأ رواية هو أكثر حرية ممن يشاهد فيلما. فقارئ الرواية يتخيل الأمور مثلما يشاء- الوجوه، الأجواء، المناظر- أما مشاهد السينما أو التلفزيون، فليس لديه مفر من تقبل الصورة التي تعرضها عليه الشاشة، في نمط من التواصل المفروض الذي لايترك مجالا للخيارات الشخصية. أتعرفون لماذا لا أسمح بأن تنقل مئة عام من العزلة إلى السينما، لأنني أريد احترام مخيلة القارئ.. حقه السامي في تخيل وجه الخالة أورسولا أو وجه الكولونيل مثلما يشتهي.”