مقالات وتدوينات كتبها الروائي والأديب البرتغالي الحائز على جائزة نوبل للأدب خوزيه ساراماغو ١٩٢٢-٢٠١٠ يدافع فيها دائما عن حق الفلسطينين ويعري الدعم الغربي اللامشروط للكيان الصيهوني، وهي تلفت النظر لوجهة نظر حقوقية وأدبية يعلنها صوت غربي مهم، وأغلب ماسيرد في هذا النقل هو ملاحظاته ومقالاته التي كتبها بين 2008 و2009 سأنقلها على أجزاء

19 تشرين الثاني

لقد عدت للتو من الكازا دو النتيخو حيث شاركت في فعل تضامني مع الشعب الفلسطيني من أجل سيادته الكاملة وتحرره من الأفعال الحمقاء والجرائم التي تقترفها إسرائيل. قدمت اقتراحاً هناك – أنه منذ 20 كانون الثاني / يناير موعد تسلم باراك أوباما للسلطة، يجب إغراق البيت الأبيض برسائل الدعم للشعب الفلسطيني التي تطالب بحل سريع للنزاع. إذا أراد باراك أوباما أن يخلص بلده من عار العنصرية فيجب عليه أن يفعل الشيء نفسه في إسرائيل. فعلى مدى ستين عاماً تُرك الشعب الفلسطيني يعاني بدم بارد بالتواطؤ الصامت أو الفاعل للمجتمع الدولي. لقد حان الوقت لإيقاف ذلك.

الأمم المتحدة متحدة على التواطؤ الأممي، أو الجبن

22 كانون الأول 

إلى الأمم المتحدة التي هي في الواقع لا شيء أو شيء قليل جداً، مالذي يملكه الفلسطينيون في غزة ليقولوه لها هؤلاء الشعب الذي ينفد طعامه، أو قد نفد لتوه؟ لأن تلك هي الطريقة التي قررت بها القوات المحاصرة الإسرائيلية ما ينبغي أن تكونه الأشياء، منذ أن قررت ظاهرياً أن تحكم بالموت جوعاً على 750000 شخصاً المعترف بهم كلاجئين هناك. فهؤلاء لم يعودوا يملكون حتى الخبز – فقد استهلك الطحين والزيت والعدس والسكر كلها على نفس الطريق منذ 9 كانون الأول، لازالت شاحنات الأمم المتحدة المحملة بالغذاء تنتظر أن الجيش الإسرائيلي لها بدخول قطاع غزة، وهو تفويض سيتم إنكاره مرة أخرى، أو يؤجل حتى الرمق الأخير من الفلسطينيين المحبطين والمجوعين واليائسين. الأمم المتحدة متحدة اعتمادا على التواطؤ الأممي، أو الجبن تضحك إسرائيل على التوصيات والقرارات والاحتجاجات تفعل ما تختاره عندما ،تختار ،وكيف تختار يصل ذلك إلى حد منع دخول الكتب والآلات الموسيقية، كما لو كانت منتجات ستضع أمن إسرائيل في خطر. لو كان بمقدور السخرية أن تقتل، لما ترك جندي إسرائيلي واحد واقفاً، ولا جندي إسرائيلي واحد، أولئك المتخصصين في الوحشية أولئك الخريجين في الكراهية الذين ينظرون إلى العالم في الأسفل من قمة الغطرسة التي هي في جذر تربيتهم. إننا نفهم الإله التوراتي بشكل أفضل عندما نرى أتباعه. إن الأممي، يهوه، أو أياً يكن اسمه هو إله يتصف بالضراوة والقسوة يؤمن بـه الإسرائيليون بوصفه وجوداً دائماً

31 كانون الأول

 ليس فألا جيداً أن يظل الرئيس المستقبلي للولايات المتحدة يردد المرة تلو المرة بدون ارتعاشة في صوته سيصون العلاقة الخاصة مع إسرائيل التي توحد البلدين، وبالأخص الدعم غير المشروط الذي قدمه البيت الأبيض للسياسات القمعية (وقمعية هي تعبير ملطف)الذي لم تفعل به الحكومات الإسرائيلية (ولماذا ليس المحكومون أيضاً؟) شيئاً سوى قتل الشعب الفلسطيني بكل وسيلة ممكنة. إذا لم يشمئز باراك أوباما من فكرة تناول الشاي مع  السفاحين ومجرمي الحرب،فشهية طيبة bon appetit ،له 

لكن عندئذ لا يمكنه التعويل على استحسان الناس الشرفاء. أما الآخرون من بين زملائه الرؤساء فقد فعلوا الشيء نفسه بدون الحاجة لتبرير أكثر من هذه العلاقة الخاصة التي غطت الأعمال المخزية الكثيرة للغاية التي دبرها البلدان ضد الحقوق القومية للفلسطينيين. 

طوال الحملة الانتخابية لباراك أوباما أعطى الانطباع عن نفسه بوصفه أباً مجتهداً، سواء من خلال تجربته الشخصية أو من خلال استراتيجيته السياسية. هذا يقودني إلى اقتراح أن يحكي الليلة قصة لابنته قبل أن يخلدا إلى النوم قصة قارب كان ينقل أربعة أطنان من الأدوية للتخفيف من الوضع الصحي المزري لشعب غزة، وكيف أن هذا القارب، الذي كان اسمه الكرامة، قد دمر في هجوم من قبل القوات البحرية الإسرائيلية بذريعة أنه لم يكن يحمل تفويضاً بالرسو على ساحلها. في غمرة جهلي كنت تحت انطباع أن ساحل غزة فلسطيني وينبغي ألا يُفاجأ إذا قالت له إحدى بنتيه، أو الاثنتان في انسجام): «لا تتابع یا بابا فنحن نعرف قبلا ما هي العلاقة الخاصة : إنها تعني الشراكة في الجريمة».

6 كانون الثاني: ساركوزي اللامسؤول 

لم أفكر كثيراً بهذا الجنتلمان، وأعتقد أنني منذ اليوم سأبدأ في التفكير به أقل إن كان ذلك ممكنا. ولا ينبغي أن يكون كذلك، ليس إذا – كما أخبرتني الإنترنت للتو – كان المذكور أعلاه السيد ساركوزي في مهمة سلام إلى أراضي فلسطين المعذبة، وهو مسعى جدير بالثناء يستحق من النظرة الأولى الإطراء والتمنيات بالنجاح. كان سيحظى بكل هذه مني، لو لم يستعمل مرة أخرى الإستراتيجية القديمة للكيل بمكيالين والقياس بمقياسين بحركة من النفاق السياسي الملحوظ، يتهم ساركوزي حماس بالتصرف على نحو غير مسؤول وبشكل لا يُغتفر بإطلاق الصواريخ إلى الأراضي الإسرائيلية. الآن، لست أنا من يغفر لحماس هذه الأعمال، ووفقاً لما قرأت فإنهم يعاقبون في كل خطوة عن طريق البطلان شبه الكامل لهذه المناورات الحربية، التي حققت أكثر قليلا من الإضرار بعدد قليل من البيوت وتهديم عدد قليل من الجدران. بما أن الكلمات السيئة لا يمكنها أن تؤذيه، فينبغي على السيد ساركوزي أن يشجب حماس. لكن على شرط واحد. أن تطبق نصائحه الأخلاقية على قدر المساواة على جرائم الحرب الرهيبة التي ارتكبت من قبل الجيش الإسرائيلي والقوات الجوية الإسرائيلية، على صعيد لا يمكن تصوره، ضد السكان المدنيين لقطاع غزة. من أجل هذا العار يبدو أن السيد ساركوزي لم يجد العبارات اللائقة في قاموس لاروس الخاص به مسكينة فرنسا.