مقالة كتبت بواسطة ELIZABETH FISHEL ونشرت على مجلة The Writer في تاريخ 14 /8 / 2021
ترجمة: هند الصبار
كنت دائما ما أُفكر أنّ والدتي تعاني نوعاً من السلوك المرضي لأنها تقرأ قسم النعي في الجرائد بحماس مُتّقد. ” أحب أن أعرف ما فعل الناس في حياتهم” تقول. تضيف:”الصورة الكبيرة، الكلمة الأخيرة، الفشل، النجاحات، العادات الغريبة والهوس الذي انتابهم تجاه أمر ما”.
الآن، وقد وصلت إلى عمر محدد، أجد نفسي أقلب الصفحات متجاوزةً إلى صفحة النعي بنفسي، مثل بنجامين فرانكلين الذي يذكر أن أول أمر يقوم به صباحاً هو مراجعة قوائم النعي” إن لم أجد اسمي فيها، أبدأ يومي” يقول.
خلال هذه المدة الطويلة، الأليمة التي أفقنا فيها على خساراتنا من فيروس كورونا المستجد، كنت أتلكؤ في مراجعة قوائم النعي والبحث عمن أعرفهم ومن لا أعرفهم. لكنني لم أقرأ منها بعناية شديدة سوى للكُتّاب الذين طالت حياتهم. ماهي الأسرار التي دفنت بين أسطر النعي هذه لتلك الشخصيات الأيقونية التي فقدنا مؤخراً؟ ماهي الحقائق المخبأة والتي كتبت بشكل حِرَفي، متقن والمعدة لإلهام الكُتّاب المستقبليين؟ دراسة قصص حياتهم بعناية تقدم قطعاً فرصة ثمينة لمراجعة رحلتهم الطويلة، المنتجة، والتحولات الجديرة في الكتابة منذ البداية وحتى النهاية، ومحاولة معرفة مالذي ألهمهم للاستمرار، كيف حافظوا على الكتابة بالرغم من النكسات والمصاعب الحتمية؟ وكيف كانوا قادرين على تأليف كتب عديدة تملأ رفاً طويلاً و تُعمر طويلاً أكثر منهم.
على سبيل المثال، وجدت كنزا في 2019 في نعي نيويورك تايمز للناقدة والشاعرة الفائزة بجائزة The National Book Critic Circle Award ماري بونسوت Marie Ponsot لقد تعلمتُ كيف حافظت هذه الأم العزباء على الاستمرار في الكتابة مع تربية سبعة أبناء لوحدها. ” لقد كتبت 10 دقائق كل يوم، كتبت واعتبرته واجبي اليومي الأول”. قالت، وأضافت:” دائما مايكون هناك وقت لكتابة بيت من قصيدة” السيدة المنجزة هذه، استمرت في تطبيق مانصحت به، ونشرت مجموعتها الشعرية الأخيرة بعمر السادسة والتسعين، عامين قبل وفاتها. محاولة استغلال كل فجوة أو وقت متاح للكتابة هو درس يتعلمه الآباء منذ اللحظة التي يهزون فيها رضيعهم لينام بيد ويحاولون عمل شيء باليد الأخرى. المحافظة على الكتابة مع تربية سبعة أبناء، إنتاج سبع دوواين شعر، ودرزينة من الترجمات، مثل ما نجحت ماري بونست فيه، أمر ملهم جدا.
سأستعرض معكم بعض الحيل الأدبية لمبدعين مخضرمين من نعي تسعة من الكُتاب الذين توفوا مؤخراً.
Makolm Gladwelالموهبة معها 10 آلاف ساعة من الممارسة قد تمنحك إتقان إبداعي لمهارة ما. مالكوم غلادويل
استغل آخر 10 آلاف ساعة في حياتك بحكمة وحماس كما كانت أول 10 آلاف ساعة لك.
الموهبة معها 10 آلاف ساعة من الممارسة قد تمنحك إتقان إبداعي لمهارة ما. هذه نظرية مالكوم قلادويل Makolm Gladwell لكن كثيراً من الكتاب الذين عاشوا طويلاً وتم ذكرهم في نعيٍ ما، حافظوا على طاقتهم وتركيزهم من البداية وحتى النهاية، نشروا كتباً في ثمانيناتهم وتسعيناتهم من العمر، استغلوا آخر أعمارهم في الإنتاجية كما بدايتها. اكتشف هؤلاء المؤلفون، غزيرو الإنتاج، كيفية محاربة اللامبلاة، التمييز العمري، والمراجعات السيئة، لقد قاوموا الإغراءات والتغيرات التي تحيد بهم عن الطريق على مدى عقود. لقد حافظوا على شعلة إبداعهم متقدة لا تنطفئ.
مؤلفان استثنائيان توفيا هذا العام، نشروا كتباً عند بلوغهم المئة، أي. إي. هوتشنر A.E.Hotchner الذي صنع اسمه من خلال كتابته عن صداقته الأسطورية مع ارنست هيمنجواي Ernest Hemingway في كتابة المصنف في قوائم الأكثر مبيعاً Papa Hemingway. بعد نجاحه الوظيفي في إنتاج السير الذاتية لِ (صوفيا لورين Sophia Loren دوريس داي Doris Day ، وغيرهم) رواياته، مسرحياته، هوشتنر Hotchner كتب في الخيال ما سيكون آخر إصدارات حياته وآخر كتاب في مسيرته: “The Amazing Adventures of Aaron Broom ” وهي رواية عن طفل بعمر الثانية عشرة، ينشأ في بلد اس تي لويس St.Louis التي نشأ هو فيها، نشرت الرواية في 2018 بعد وصوله لعمر المئة سنة وواحد.
” أريد أن أجعلها مسلية” هوتشنر يقول عن روايته الأخيرة في مقابلة مع نيوريورك تايمز، التي تم اقتباس التالي منها في نعيه سنة 2020 ” الأمر الذي أريد أن أحتفل به هو حقيقة أنك تستطيع أن تصل لشيخوختك مثلي، وإنجازاتك مازالت تلمع وتظهر بين الحين والحين”.
معمر آخر حافظ على الإنجاز حتى توفي في 2021 بعمر المئة وواحد، شاعر فرانسيسكو، الناشر، المصور، صاحب الأسئلة والأب الروحي لحركة Beat[1] لورنس فرلنتجي ( Lawerence Ferlinghetti) في 1953 افتتح هو وصديقه متجراً للكُتبِ والذي أصبح مكاناً ومعلماً هاما في فرانسيسكو لتجمع للأدباء والمثقفين كشهرة الخبز المخمر وجسر البوابة الذهبية (Golden Gate Bridge) و كشهرة مكتبة سلفيا بيتش Shakespeare and Company لدى الباريسيين.
الشعر كان هواء فرلنتجي الذي تنفسه. كَتَبَه، نشره، واعتبره ” فنٌ متمرد”
الشعر كان هواء فرلنتجي الذي تنفسه. كَتَبَه، نشره، واعتبره ” فنٌ متمرد”. قُبض عليه لنشره مجموعة هول “Howl” لألين جينسبرعAllen Ginsberg)) في 1956 والتي تم نعتها بأنها عمل مخل بالآداب. لكن تمت تبرأته لاحقاً. ساعدته على جعل Howl واحدة من أكثر المجموعات الشعرية قراءة في القرن العشرين. براعتها اللفظية، الحس الفكاهي الذي امتازت به، وصدق المشاعر في كتابتها جعلتها واحدة من أكثر المجموعات الشعرية مبيعاً على الإطلاق. أكثر من مليون نسخة مطبوعة مباعة.
في 2019، مقترباً من حاجز المئة، فرلنتجي نشر سيرته المتخيلة، الولد الصغير Little Boy وهو كتاب عمل عليه لمدة عشرين سنة عن ” النسخة المتخيلة من نفسه” بشكل هزلي يتذكر طفولته كرجل عجوز. في مراجعة للكتاب على الواشنطن بوست وصفت بأنها ” انفجار بركاني من الذكريات الشخصية، والقضايا السياسية، والاجتماعية والبيئية، والتحليل الثقافي”. لقد كان الكتاب تتويجاً لمسيرته المثيرة للجدل.
حتى في نهاية حياته، حافظ فرلنتجي على أفضل مايتقنه، كتابة الشعر. في النهاية ” كل شيء كومضة، لا شيء مستدام”. كتب فرلنتجي للنيويورك تايمز في 2018، العبارة التي كانت في آخر سطر في نعيه ” قصائدي الأخيرة دائما هي أفضل قصائدي”. يالها من شهادة لروح ستبقى شابة إلى الأبد.
اقرأ، اقرأ، اقرأ (واكتب الكتب التي لم تجدها بعد)
القراءة هي الهواية المحببة الأكثر شعبية لدى معظم الكُتاب الذي تم نعيهم في السنتين الأخيرة. الكتب مريحة، صديقة، ممتعة، مسلية، تفتح الأفق، وهي الملجأ للأرواح التي لم تجد مكاناً ملائماً لها.
بيفرلي كليرلي (Beverly Cleary) المؤلفة في أدب الطفل غزيرة الإنتاج، التي أحبتها شخصيات مشهورة في أدب الطفل مثل بيزوس Beezus ورامونا Ramona وهنري هوجينز وكلبه ريبسي Henry Huggins. بالنظر إلى حياتها، نسبت كل الفضل في إلهامها إلى الفتاة الصغيرة الغريبة التي كانت عليها في صغرها. تلك الفتاة الصغيرة التي تجلس على كرسي هزاز بجانب المدفأة تقرأ لساعات لم تجد أديبات تحتذي بهن مثل نفسها لذلك، كتبت إليهن تدعوهن لأن يكن.
كتبها تعرض في شارع Klickitat في بورتلاند، أوريغون، تبعث الحياة في معاناة الشبان من مشاكل يومية، سوء التعامل، الشجار مع الأشقاء، الحيرة مع الكبار. لم تتحدث كيلرلي مع قرائها لأن تعتبر نفسها واحدة منهم كما تقول. توفيت بعمر المئة وأربعة سنوات تاركة خلفها أثر لايمحى على أدب الطفل و أكثر من 85 مليون نسخة مباعة من إصداراتها.
مؤلف كتاب قصة جين بيتمان Jane Pittman وزميل MacArthur ارنست جي جينس (Ernest J. Gaines) ، الذي توفي عن عمر 86 في 2019 وجد جذوره الأدبية أيضا في المكتبة، لكنه نشأ في لويزيانا المعزولة وقتها، هذا المؤرخ المستقبلي لمجتمعه من الأمريكيين الأفارقة الذين لم يجد لهم أثر في مجموعاته التي كان يستعيرها من المكتبات العامة حتى انتقل إلى فاليجو في كاليفورنيا حينما عاد للعيش مع والدته وزوجها. كان عُمره حين ذلك، خمسة عشر عاماً وبدأ يقرأ إيفان تورغينيف وعظماء الكتاب الروس الآخرين. لكنه بالطبع لم يجد نفسه في حكاياتهم وأبطالهم.
” كثير منهم تركوني محبطاً” في حديثه لجريدة تايمز بياكون Times-Picayune في نيو اوريلنز 1999، الذي اقتبس في نعيه المنشور في نيوريورك تايمز “لم يتناولوا بالوصف أُناسي، لم يصفوا خالتي، إخوتي، أو أصدقائي الذين لعبت معهم كرة القدم وغيرها، لم أجد نفسي”.
مثل كليرلي، كتب جينس الكتب الذي تمثله، وتحكي قصته وقصة إخوته، وأخواته: ” من الحب والغبار” دروس قبل الموت ( Of Love and Dust, A Lesson Before Dying) وأكثرها شهرة ، سيرة بيتمان Pittman والتي تتقصى سيرة البطلة من العبودية إلى حركة تحرير مدنية، تم تجسيد القصة بكل روعتها في عمل تلفزيوني لسيسلي تايسون(Cicely Tyson). لقد أخذ جينس نصيحة توني موريسون الملهمة على محمل الجد: ” إذا تمنيت أن تقرأ كتاباً ولم يُكتب بعد، فهو الكتاب الذي عليك تأليفه”.
ارفض أن تُرْفض!
عندما توفيت ماري هيجين كلارك (Mary Higgins Clark) في الثانية والتسعين من عمرها في 2021 جاء في نعيها الذي نشر على نيويورك تايمز وصفها ب” ملكة كتب التشويق الأكثر مبيعاَ” وفقاً لابنتها كارول، هيجن كلارك نشرت آخر كتبها قبل شهرين من وفاتها والذي حمل عنوان (Kiss the Girls and Make Them Cry, for the record) وكانت آنذاك تعمل على كتاب جديد. وقد باعت أكثر من 100 مليون نسخة من كتب التشويق والإثارة في أمريكا لوحدها.
سيأخذ الأمر بعد ذلك مايقرب من عقدين آخرين، خمسة أطفال، وفاة زوجها الأول، ووظيفة في مجال التسويق كانت تكتب قبل الذهاب إليها صباحاً، روايتين، حتى تصل لأول رواية ناجحة كان عنوانها (Where Are the Children) مع أنها منذ السادسة عشر، بدأت في نشر قصصها على مجلات متواضعة. تصف ابنتها إصرارها حيث تقول” تحملت كلارك وابل من رسائل الرفض قبل أن تنشر قصتها الأولى “Stowaway” لمجلة اكستنشن (Extension) في 1956.”
بغض النظر عن الطريق الذي أوصل لنهايات مختلفة، وتغيير في المسار، وطرق مسدودة، ونهايات مؤلمة إلا أنها تجاوزت كل هذا. كان لديها العزيمة الكافية لتحويل كل رفض و كلمة لا إلى فرصة تقدمها لنفسها على طبق من ذهب. في 1988 كانت هي المؤلفة الوحيدة التي وقعت عقداً لتأليف مجموعة كتب من برقم من ثمانية خانات (فوق 10 مليون دولار).
كن حيث يمكنك التصرف
غيل تشيلي (Gail Sheehy,) التي توفيت في الثالثة والثمانين، في 2020. وصفت بأنها لويس لين[2] الصحافة الجديدة، قوتها كانت تكتشف وتعكس أهم الاتجاهات الاجتماعية في هذا البلد. وبجرأة ملفتة نشرت كتابها الواقعي الرائد، “Passage” عن التحول عند البلوغ، في 1976. لقد حافظت كتبها على أن تكون في قائمة الأكثر مبيعاً لأكثر من ثلاث أعوام، واعتبرتها مكتبة الكونجرس من ضمن أكثر الكتب تأثيراً في العصر الحديث.
لم تتوقف غيل عند هذا النجاح، بل تابعت النشر نشرت كتابها (The Silent Passage (1992 والذي تناول موضوع سن اليأس، وكتباً أخرى منها: New Passages: Mapping Your Life Across Time (1995) Understanding Men’s Passages (1998), Passages in Caregiving (2010).
قبل وفاتها، كانت تعمل على كتاب عن جيل الألفية، الذين على حد قولها كانوا يخترعون أموراً جديدةً. منذ بدأت وظيفتها الناجحة في الصحافة، اهتمت بقضايا المجتمع. فلسفتها كانت بسيطة، كن في المكان الذي تستطيع عمل أو تغيير أي شيء فيه. كلما سمعت عن ظاهرة ثقافية مبهرة، ثورة، حادثة قتل، محاكمة ظالمة، هجوم على البلد، أترك كل شيء”. قالت، في كلمة الافتتاح لحفل تخريج بجامعة فيرمونت، الذي اقتُبس منه في نعيها” خذ حافلةً أو قطاراً للذهاب هناك، قف على حافة الهاوية، ثم انظر هناك، سترى الثقافة قد انقلبت رأساً على عقب، وبقيت في حالتها الأصلية، مادةً خام”.
هذا الأسلوب الصحافي الذي استخدمته غيل خرج إلى الوجود من خلال نصيحة محررها في صحيفة نيوريوك هيرالد تريبون (NY Herald Tribune) كلاي فليكر (Clay Felker) والذي أُعجب بأسلوبها لكنه نصحها بكتابة المشاهد، واعتماد الأسلوب القصصي. نفذت غيل نصيحة محررها، واستخدمت حيل الروائيين وأدواتهم في اختراع الشخصيات، صنع الحوارات، وإعداد المشاهد لخلق أسلوب سرد مختلف. هذه الممارسة مهدت لنوع جديد من الصحافة. أصبحت غيل فيما بعد واحدة من الرواد مع شخصيات مثل توم ولف، Tom Wolfe، جاي تاليز Gay Talese. فليكر أصبح فيما بعد من المحرر الشخصي لغيل في مجلة نيويورك تايمز والذي كان مالك شريكاً في المجلة، وأصبح فيما بعد زوجاً لغيل.
تحويل الذكريات الحزينة إلى سرد إبداعي
الكُتاب الذين عانوا من طفولة غير سعيدة تستمر معهم وتبقى في الغالب بطريقة ما. لكن لديهم ميزة عن غيرهم هي أنهم يترجمون هذا الألم إلى سرد أدبي. عندما توفي جون لو كاري، مؤلف فيلم ورواية The Spy Who Came in from The Cold عام 2020، عن عمر يناهز التاسعة والثمانين، في كورونوال Cornwall بإنجلترا، اُقتبس في نعية المنشور على صحيفة نيويورك تايمز، أنه ” كان يعرف الخداع عن كثب، لأنه ولد فيه”. كان والده ” محتالا، معسول اللسان، ذكياً وغير جديرٍ بالثقة”. مثل هذه الذكريات الطفولية بالتأكيد كانت مؤلمة بالنسبة له كطفل. لكنه استخدمها وكانت مصدراً أساسياً ومادة خام لروائي استخدم الخداع في أغلب حبكاته. عمل ستة عشر عاماً في المخابرات البريطانية ساهمت أيضا. كتب كاري عدة روايات قيّمة في الجريمة والتجسس على مدار ستين عاماً منها ما حُوّل إلى أفلام وبرامج تلفزيونية مثل The Spy Who Came in From the Cold; Tinker, Tailor, Soldier, Spy و The Night Manager.
في سنواته الأخيرة، ذُكر في نعيه أنه سعيد في عائلته الممتدة، ووجد سعادته في جدران مكتبه، عرض هدية جاءته من أطفاله، ملصقاً ربما يعكس السلام الداخلي الذي وصل إليه. وقد قيل ” حافظ على هدوئك واقرأ لكاري”.
العزف والغناء وتجربه أمور مختلفة بجانب الكتابة، يفعّل أجزاء مختلفة من العقل وينشط الخلايا العصبية في المخ. فيرلينجيتي ( Ferlinghetti) على سبيل المثال، جرب إبداعه في الشعر، المسرحيات، النثر، التصوير، الرسم. شاعر آخر من أهم شعراء الساحل الشمالي، والذي توفى أيضا في هذا العام 2021عن عمر يناهز الواحدة والثمانين هو Al Young تمحور عمله بين موسيقى الجاز والشعر وخلط بينهما بين الحين والآخر. بدأ حياته المهنية كمغنٍّ شعبي، وموزع موسيقي. لكنه مع ذلك، أصبح شاعراً رسم طريقاً فريداً لنفسه كموسيقي. شاعر كاليفورنيا الحائز على جوائز عديدة قرر أن يقوم مابين 2005-2008 بجولة من شمال إلى جنوب الولاية، 40 محطة توقف في أحد عشر يوماً يلقي قصائده ويغنيها.
مرثيته ممكن أن تكون عبارته” أمشي، من أنا تحت الشفق؟” والتي نقشت في ممشى في بيركلي، كاليفورنيا. المكان الذي قضى فيه آخر أيامه. ” مثل حديقة يوسمايت الوطنية، الفاصوليا وخبز الذرة، الراحة والاستجمام، الحب والإعجاب، أعلم أننا سنبقى، وأن نزيفنا سيتوقف”. إرثه الأدبي قطعاً سيبقى ممثلاً في ثمانية مجموعات شعرية، عدد من الروايات، وخمسة مذكرات موسيقية.
طوّر شيئاً جانبياً.
لاري ماكميرتي Larry McMurtry الذي توفي عن 84 عاماً في هارتشر، تكساس. كان روائياً وكاتب سيناريو غزيرَ الإنتاج، مع موهبة في حكاية القصص وحصد االألقاب. مثل كتابه Horseman الذي تم تحويله إلى فيلم كلاسيكي من إخراج باول نيومان اسمه Hud و روايته حمامة وحيدة Lonesome Dove والتي تناولت موضوع رعاة البقر وفازت بجائزة البلتيزر Pulitzer في 1986.
أيضا روايته ” شروط إظهار التحبب” التي حُلوت إلى فيلم ناجح أُنتج في 1983 وحصد جائزة الأكاديمية عن أفضل صورة (The Academy Award for Best Picture) ومفضلتي بالطبع، روايته التي تتحدث عن كاتب شاب لديه ثلاث صديقات في عقله وعنوانها All My Friends Are Going To Be Strangers.
لم تكن الكتابة وظيفة ماكميرتي الوحيدة، في حوالي 50 عاماً كرس نفسه أيضاً كبائع كتب أثرية. افتتح مكتبته BookedUp في واشنطن دي سي ثم بعد ذلك نقلها إلى تكساس بانهاندل. وهي من أكبر مكتبات الولايات المتحدة. موزعة على ستة مباني وتحتوي على أكثر من 400 ألف مجلد وكتاب. باع ماكميرتي ثلثي المكتبة في 2012، لتمكين ورثته من إدراتها.
في الأثناء، حوت مكتبته الخاصة أكثر من 30 ألف كتاب موزعة بين ثلاث منازل. وصف تجميعه للكتب بأنه ” عمل من أعمال حياته”. وقد اتقبس في نعيه: “إنجاز واحد يساوي إن لم يكن أفضل من كتاباتي نفسها” “بين تأليف كتاب جديد وبيع كتاب قديم” لم يكن من المستغرب إذا أن تعنون مذكراته التي نُشرت في 2008 ب “كُتُب”.
لكن هذا العنوان قد يكون مرثية
لكل الكتاب الذين توفوا في هذه السنوات الأخيرة، والذين خلدتهم أعمالهم. الاقتباس
التالي من خورخي لويس بورخيس يقدم أفضل مانختم به هذه المقالة:” عندما يموت
الكُتّاب، يتحولون إلى كُتُب. والتي في المُحصلة ليست بالتجسيد السيء لهم”.
[1] حركة Beat الأدبية أو جيلBeat : هي حركة أدبية ظهرت في اربعينات وخمسينات القرن العشرين، اهتمت بالديانات الشرقية، رفض المادية والدفاع عن الحق في التعبير الحر عن الغرائز والرغبات.
[2] لويس لين هي شخصية كومكس خيالية منشأة من قبل دي سي كومكس، هي حبيبة وزوجة سوبرمان وتعمل كصحفية، وهي كاتبة في صحيفة ديلي بلانيت في مدينة ميتروبوليس