نيكولا بوالو أديب فرنسي ولد في 1636 في باريس، فيما يلي نصائح مأخوذة من كتابه ” فن الشعر” الذي ترجمه المشروع القومي للترجمة التابع للمجلس الأعلى للثقافة في مصر.
أسلوب القصيدة السريع يتوه فيه القارئ، الفوضى التي تعم فيها هي الفن نفسه، فلنبتعد عنها الشعراء المتهيّبون الذين يراعون النظام حتى وهم يحلمون، يشبهون المؤرخ الجاف في تسلسل الأزمان، حتى وهم ينشدون سيرة الأبطال.
كونت السهام في التراجيديا أجمل الفقرات، وزينت بها المرثاة آلامها، تباهى بها البطل على المسرح، وأكثر منها حتى المحبون في شكواهم، يفضلونها على أجمل الحبيبات، كسبت كلُّ كلمة معنيين مختلفين، النثر والشعر تقاسماها.
حتى في الأغاني، العقل يحكم الفن. سبق وأن رأينا من أوحى إليه الخمر بكتابة قصيدة تفتقر إلى الموهبة. لكن لو أسعدكم الحظ بكتابة الشعر، لا تأخذكم أي عجرفة أو حمق.
فلتصوّر أشعاركم هذه العواطف المؤثرة، حتى تصل القلوب وتهزها. سوف تكون مجهوداتكم سقيمة، لو لم يشعر الناس بالرهبة والجلال ولو لم تستدُّروا عطفهم وتثيروا شفقتهم.
حددوا الحبكات من أول الأبيات، حتى أتمكن من سير الأحداث. إني أحتقرُ الممثل الذي يعيبه التعبير، ويفشل في إبلاغي بما يريد. بدلا من أن أتمتع بهذه الرواية، أتعب في فك رموز القضية، أفضل أن أكرر اسمه، بدلاً من أن يكتفي بإثارة سخطي، دون أن يشنف آذاني بما هو مفيد. يجب أن تظهر المشكلة من أول ثانية.
قد تكون الحقيقة أحيانا غير معقولة. الغريب المحال لا يهم الناس، والنفس لا يهمها مالا تصدقه. اوصفوا لي مالايمكنني رؤيته، قد تكون العين أحسن من يلتقطُ الشيء.
ليظهر الحب بعد صراعه مع الضمير عاطفةً تدل تنم عن الضعف لا عن الفضيلة. تجنبوا صغائر أبطال الرواية. لكن اقبلوا للقلوب العظيمة بعض الهفوات، قد يُعجب الناس بأشيل لو كان أهدأ.
أُحب أن أراه يبكي بحرقة أمام الإهانة، فالنفس ترضى بكل ماهو طبيعي، مثل الهفوات الصغيرة في حياة الأبطال، فليكن هذا هو مثالكم في الأعمال المسرحية.
هل تريدون خلق شخصية جديدة، فلتكن دائما صادقة مع نفسها. ولتبقى واحدة من البداية للنهاية. أحيانا يشكل الكاتب المحب لنفسه أبطالاً يشبهونه كل الشبه، فكل السمات تنحدر من مكان مولده، والكل يتكلم بنفس لهجته.
لكي تبكيني يجب آن تذرف أنت الدموع، تلك الكلمات الرنّانة التي يتشدق بها المؤلف الممثل، لاتخرج من قلب عذبته الأيام. إن المسرح الذي يراقبه الناقد المتشدد، ليس إلاّ حقلاً عسيراً لمن يرتاده.
اختاروا بطلاً خليقا بأن يثيرني، بقيمته وبفضائله الجمة: فليكن كل ما فيه ممتعاً حتى عيوبه، ولتستحق كل أعماله الاهتمام، ليشبه قيصر، الإسكندر، أو الملك لويس.
الكثرة أحياناً قد تفقر المادة، فلتكن قصصكم حية وسريعة، وليكن أسلوبكم غنيّا وفخما. هنا يجب أن تقدّم أبياتاٍ منسقة، لا تصوروا أية خِسّة في كتاباتكم، لاتقلدوا هذا الذي وصف البحار واليهودي الفارّ من أسياده الطغاة، فجعل الأسماك هي الشاهدة على هروبه، أو هذا الذي وصف طفلاً يلهو، ويجري نحو أمه، ليعطيها حجراً، هذه مبالغات تافهة.